سيارة تجريرت
شرارة الثورة
1990-6-27
بقيادة القيادي الراحل / أبوبكر "هيبكه" أغ باي أغ عيسى
قبل أن ندخل في تفاصيل السيارة التي كانت بحق الشرارة الأولى لثورة التسعين،
علينا أن نعود للوراء قليلا للوقوف طبيعة الأجواء السياسية السائدة في المرحلة ما قبل وقوع عملية السيارة،
وكيف أصبحت هذه السيارة الشرارة الحقيقية التي أشعلت نيران الثورة في عموم أرض أزواد، وكيف أصبح المناضلون السبعة الذين قاموا بتنفيذ عملية السيارة السبب الرئيسي والمباشر في تغيير مجرى الكثير من الأحداث.
وكل هذا سنفهمه من خلال أحداث القصة الشيقة التي رواها لنا أحد المناضلين السبعة الذين نفذوا عملية السيارة،
المناضل / الحسيني أغ أغالي أغ ديكنا
في رحلة طويلة محفوفة بالمخاطر ،وصلت مجموعة من الثوار التي كنت من ضمنها إلى تيجريرت قادمة إليها من قاوا كبرى مدن الشمال في رحلة دامت واحد وعشرون يوما سيرا على الأقدام، وكل هذا حدث بعد خيبة الأمل التي سببها لنا عدم العثور على الأسلحة واعتقال مجموعة المرحوم / مقدي أغ مسمد في قاوا، وما نتج عن ذلك من اختلاف كبير في وجهات النظر بين القيادات العليا للثورة،
فهناك من بين هذه القيادات من يدعو صراحة إلى أن يعود الثوار إلى ليبيا لتنظيم أنفسهم من جديد بطريقة تمكنهم من تجاوز الظروف التي وجدوا أنفسهم فيها،
ويتزعم هذا الموقف القيادي الراحل/ وليله أغ مما أغ هو والذي عاد فعلا إلى ليبيا،
وهناك الرأي الثاني الذي يدعو إلى تأجيل إطلاق العمليات العسكرية إلى موعد لم يطلع عليه الكثير من الثوار،
ويتبنى هذا الموقف القائد / إياد أغ أغالي أغ بوبكر.
وهناك قيادات بارزة ومن المجلس الأعلى لقيادة الثورة من عاد إلى الجزائر كما حدث مع القائد / الصلاة أغ خبي والذي صادف وجوده في منطقة "تين زواتين" تنفيذ عملية السيارة .
وقد أرسل القائد/ إياد أغ أغالي في أثره .
أما القائد/ الهجي أغ قامو فكان أصلا متواجد في الجزائر لحظة وقوع حادثة السيارة،
وهناك العديد من القيادات البارزة التي التحقت بالثورة في وقت متأخر
وحادثة السيارة هي التي أجبرت الكثير من القيادات على تغيير مواقفها ومواكبة الثورة من جديد بعد أن أصبحت الثورة واقع لا مفر منه،
وهذا ما يجعل حادثة السيارة بحق شرارة الثورة واعتبار المناضلين السبعة الذين نفذوا عملية السيارة رموز للثورة،
فقد وقعت عملية الاستيلاء على السيارة في اليوم الثالث من شهر الأضحى المبارك يوم الأربعاء الساعة الثالثة بعد صلاة الظهر الموافق 27-6-1990
وبعد عملية الاستيلاء على السيارة وفي نفس الليلة التي تم فيها الاستيلاء على السيارة أقلت هذه السيارة المباركة ما يزيد عن (70) ثائر في رحلتين إلى منطقة "إيكديون" حيث كان يتواجد القائد/ إياد أغ أغالي الذي حدد تاريخ 17-7-1990 لبدء العمليات العسكرية وكانت هناك شكوك حقيقية بين الثوار بعدم التزامه بهذا التاريخ.
وهي السيارة ذاتها التي أقلت المناضلين ( 7) الذين نفذوا عملية "تيدغمين" الأولى 28-6-1990
وهي السيارة ذاتها التي ساعدت على تنفيذ كمين منطقة "إيكديون" والذي تم فيه الاستيلاء على ثلاث سيارات،
وهي من ضمن السيارات التي شاركت في عملية "منكا" التاريخية التي وقعت بتاريخ 29-6-1990
وتسلسل كل هذه الأحداث وارتباطها بشكل وثيق بالسيارة وبالمجموعة من الثوار التي قامت بعملية السيارة يقودنا حتما إلى حقيقة ثابتة وناصعة ولا ريب فيها بأن سيارة "تيجريرت" هي الشرارة الأولى التي أشعلت نيران الثورة ،
الثورة التي لا زالت لم تنطفئ إلى يومنا هذا، وستبقى مشتعلة في نفوس أبناء الشعب الأزوادي إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها أو أن يعود الحق إلى أهله .
فرحم الله شهداء القضية الأزوادية وأسكنهم فسيح جنانه،
وفي خضم هذه الأحداث المتسارعة كانت منطقة "تجريرت -ألاتا" في تلك الفترة ملتقى لثوار القادمين إليها من اتجاهات الأرض الثلاث، فمن الجهة الغربية هناك المجموعة من الثوار التي وصلت إليها قادمة من قاوا،
والتي كنت أنا من ضمنها، كما أسلفت .
ومن الجهة الشرقية هناك المجموعة من الثوار التي وصلت إلى تجريرت من "تين زواتين" والتي منها المناضل ساكه أغ تبي أغ أوياهيت .
ومن الجنوب هناك المجموعة من الثوار التي وصلت إلى تجريرت من منطقة منكا القريبة منها إلى حد ما،
والتي منها القيادي الراحل/ تاغليفت أغ عيسى أغ غابى والقيادي الراحل/ موسى أغ بهوني.
وهذه المجموعة من الثوار التقت في طريقها إلى تجريرت بالقائد/ إياد أغ أغالي
لكن إلى حد الآن لا نعرف تفاصيل ما حدث بينهم .
وهناك المجموعة الرابعة وهي مجموعة اللاجيئن الازواديين الذين رحلتهم دولة الجزائر من أراضيها،
وأستقروا في منطقة "تجريرت-ألاتـــا"
بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الثوار كانت أصلا موجودة في منطقة تجريرت قبل مجيء باقي المجموعات وأكثريتهم من أبناء المنطقة، ناهيك عن السكان المحليين لمنطقة تجريرت وضواحيها .
فأصبحت "تيجريرت" بهذا المعنى تعج بعدد هائل من البشر أكثريتهم من الثوار.
فأصبحنا ملفتين للانتباه ومن الصعب أن نستمر في التخفي في مثل هذا الوضع وخاصة أن "تجريرت-ألاتــا" منطقة صحراوية صغيرة ومن الصعب أن يذوب فيها هذا العدد الكبير من البشر القادمين إليها من جهات الأرض الثلاث، دون أن يلاحظ الأمن المالي وجودهم.
وفي هذه المرحلة أصبح اسم لشخص يسمى "أستن" من أبناء المنطقة متداول ويدور حول شخصه الكثير من الكلام، ومما قيل عنه في تلك الفترة أنه كان يقوم بدور المخبر لصالح الأمن المالي.
وما يؤكد هذه الفرضية عند الناس أن بيته في "تيجريرت" كان بمثابة محل إقامة "تهنزابوت" لأفراد الأمن المالي عند وصولهم إلى "تيجريرت" ، فكانو كلما وصلوا إلى منطقة "تيجريرت" كان بيت الشخص المدعو "أستن" بمثابة محل للاقامة لهم، والناس يتهمونه بأنه مخبر لصالح مالي.
وأنا شخصيا لا يمكنني أن أنفي ذلك أو أؤكده، لكن الشيء الذي يمكنني تأكيده هو أن هذا الشخص كان له علاقة حميمة بالحكومة المالية وبالأمن المالي .
فبالإضافة إلى عمله كممثل لشركة "فيجي" وهي شركة خدمات عامة كانت تعمل في منطقة "منكا" وما حولها قبل اندلاع الثورة.
الحاصل وصلت إلينا السيارة وعلى متنها أفراد من الحرس الوطني "الغوميتن" لا أتذكر عددهم بالتحديد لكن من المحتمل أن يكونوا عددهم ثلاث أفراد من الحرس الوطني "الغوميتن" وهذه المجموعة من الحرس الوطني هي التي اعتقلت المناضل والشاعر/ هكو أغ سيدي محمد السوقي واقتياده معهم إلى منطقة منكا.
وقد أعتقل المناضل /هكو أغ سيدي محمد السوقي ، بتهمة تأليف وإلقاء قصائد شعرية ثورية، تمجد الثورة والثوار، وهي تهمة خطيرة قد تؤدي بصاحبها إلى حبل المشنقة في تلك الفترة.
الحاصل بعد اعتقال المناضل/هكو أغ سيدي محمد السوقي وذهابهم به إلى مدينة منكا،
لكن قبل وصولهم إلى منكا حيث كان السجن المركزي الذي يتم فيه تعذيب المساجين الأبرياء من أزواد من قبل وحدات الجيش المالي ومليشياته المسلحة .
وفي منطقة "إيكديون" تدخلت السيدة المناضلة "فتوا" عند الأمن المالي وتمكنت بفضل سمعتها الطيبة ومركزها الرفيع في المجتمع المحلي من إطلاق سراح المناضل/ هكو أغ سيدي محمد السوقي، بعد أن استطاعت أن تنفي عنه التهمة التي أعتقل بسببها.
والسيدة "فتوا" من قبيلة "إشضنهارن" وهي إحدى القبائل الأزوادية العريقة والمجاهدة والتي كان لشبابها دور بارز ومؤثر في الثورة بشهادة الجميع.
الحاصل استطاعت المناضلة "فتوا" أن تطلق سراح المناضل والشاعر/ هكو السوقي ويعود إلى "تيجريرت" سالما،
وهو الأمر الذي كنا نجهله في ذلك الوقت .
الجـــــزء الثانــي
الحاصل حدث الكثير من الكلام حول السيارة بعد عودتها للمرة الثانية إلى "تيجريرت"
وخاصة أن عند عودتها من "تيدغمين" نزلت في بيوت عشيرة "إقدالن "العريقة في وادي "تابناوت" على بعد 2 كلم من قرية "تيجرير" ،وهي العشيرة ذاتها التي ينتمي إليها الشخص المدعو "أستن" المتهم من قبل الثوار بالعمالة لصالح مالي.
ولجمع المعلومات عن السيارة قامت القيادة / بإرسال شخص مدني متقدم في العمر في إلى السيارة، وعند عودته أخبرنا بأن السيارة فيها عدد من البنادق الآلية، لكن نظراً لكون الشخص مدني وكبير في سن وغير مطلع على الأمور العسكرية، فلم يحدد لنا نوعية الأسلحة الموجودة في السيارة ولا عدد عناصر الأمن في السيارة.
ونحن لا أخفي عليك كنا نخشى على أنفسنا من الذهاب إلى السيارة، خوفا أن يتم اعتقالنا، فنحن لازلنا نجهل عدد عناصر الأمن الموجودين في السيارة ودرجة تسليحهم.
الحاصل قبل هذا في الفترة التي اعتقل فيها المناضل /هكوأغ سيدي محمد السوقي كانت هناك مجموعة من الثوار ذهبوا للالتقاء بالقائد /إياد أغ أغالي في منطقة "إيكديون" ،ومن بينهم القائد الراحل/ تاغليفت أغ عيسى أغ غابى
والقائد الراحل/ موسى إغ بهوني، فصادف أن كانت عودتهم إلينا قبل الليلة التي وقعت فيها عملية السيارة مباشرة، فاجتمعنا معهم وخلال الاجتماع طلبوا منا الذهاب إلى مدينة "منكا" على ظهور الجمال، وطلبوا من أهالي منطقة "تيجريرت" خاصة أن يتحملوا مسؤولية إيجاد عدد من الجمال ليتمكن الثوار من خارج منطقة "تيجريرت" من الوصول إلى مدينة منكا.
كل على حسب قدرته والقدرة لم تعــد وحدها مقياسا للدفع، فلا بد أن يلازمها أيضا الإيمان بالثورة، فمن يستطيع أن يتبرع بجمل واحد فكان به ومن كانت قدرته تفوق ذلك فلابأس به.
وأنا شخصيا أتذكر أنني تبرعت لهم بثلاث جمال لنقل الثوار إلى منكا وأبي وعمي من أتى بها.
في هذه الفترة كان هناك انعدام كبير للثقة بين الثوار وقيادة الثورة وخاصة مجموعات الثوار التي جاءت من قاوا والتي عانت أكثر من غيرها، فلم يبقى إلا القليل لتعلن شريحة واسعة من الثوار تمردها أو انشقاقها عن القيادة المركزية للثورة.
حتى فكرة أن ينتقل الثوار إلى "منكا" على ظهور الجمال لم يرتح لها الكثيرون من الثوار في تلك الفترة،
فقد كانت هناك مخاوف حقيقية بين الثوار أن يكون ذهابهم إلى منكا في تلك التوقيت وبتلك الوسائل مكيدة أخرى تدبر لهم في الخفاء.
وهذه الحالة من عدم الثقة قد يكون هناك ما يبررها في نفوس الثوار، فحادثة القبض على مجموعة
المرحوم /مقدي أغ مسمد في قاوا ،وحادثة اختفاء الأسلحة أيضا في قاوا ،والأموال التي ذهبت هباءً منثورا ناهيك عن الانقسام في الآراء الذي بدأ يظهر على السطح بشكل جلي بين القيادات العليا للثورة.
فهناك من يدعو من قيادات الثورة العليا إلى العودة إلى ليبيا من جديد للاستعداد منها جديد، كما هو حال القائد الراحل/ وليله أغ مما أغ هوا الذي دعى في أكثر من مناسبة إلى عودة الثوار إلى ليبيا والاستعداد للثورة بشكل أفضل.
ومن يدعو إلى تأجيل موعد العمليات العسكرية إلى موعد غير محدد بالزمن والمكان كما هو حال القائد/ إياد أغ أغالي أغب وبكر .
ولا ننسى الكثيرين من قيادات الصف الأول التي عادت إلى الجزائر ومنها ليبيا،
كل هذه الأشياء وغيرها تجعل الثقة بين الثوار والقيادة تشوبها الكثير من الشوائب،
الحاصل بعد أن عاد الشخص الذي أرسلته القيادة الميدانية في "تيجريرت" لجمع المعلومات عن السيارة،
عقدنا اجتماع مصغر قرب بئر في الجهة الغربية من مخيم اللاجئين.
وكان القيادي الراحل/ تاغليفت أغ عيسى غابى، والقيادي الراحل / موسى أغ بهوني والقيادي الراحل / أبوبكر أغ باي أغ عيسى "هيبكه" ،من القيادات الميدانية الحاضرة في الاجتماع.
وفي هذا الاجتماع المصغر والذي لم يحضره سوى العدد قليل من الثوار والذي كان فيه لموضوع "سيارة الأمن" النصيب الأوفر من نقاشاته إذا لم تكون كل النقاشات تصب في موضوع السيارة، وكان كل النقاش يدور حول نقطتين مهمتين أن نقوم بالاستيلاء على السيارة أو لا نستولي عليها.
فانقسمنا إلى فريقين فريق يرى أن الاستيلاء على السيارة في هذه الفترة يمثل مجازفة كبيرة، لما قد يترتب عليه من تبعات سلبية على حياة وأمن المواطنين في المنطقة وقد حصل فعلا فيما بعد ، فقد ارتكب الجيش المالي مجازر في حق الأهالي.
ويتبنى هذا الرأي القيادي الراحل/ تاغليفت أغ عيسى أغ غابى ويسانده في ذلك عدد من الثوار وبعض من أعيان المنطقة.
وبالمقابل هناك الرأي الذي يدعوا إلى الاستيلاء على السيارة والذي يتبناه، القيادي الراحل/ أبوبكر أغ باي أغ عيسى"هيبكه" ،ويسانده في ذلك مجموعة من الثوار الحاضرين معنا في الاجتماع بما فيهم أنا، وإن كان أصحاب الرأي الذي يدعو إلى التحرك والاستيلاء على السيارة في الاجتماع، لكن لم يكــن ذلك حاجز يمنعنا من تنفيذ فكرتنا .
الحاصل عندما انفض الاجتماع دون أن نتوصل فيه إلى وجهة نظر واحدة، وذهب الكل إلى حال سبيله،
فالتقينا نحن الداعمون لموقف الاستيلاء على السيارة من ورائهم وقررنا الذهاب والاستيلاء على السيارة.
وقد قام الشخص المدعو "أستن" بإعداد وليمة لعناصر الأمن تحت ظل شجرة الهجليج أو اللالوب Balanites "تبوراقت" كبيرة تقع في الناحية الغربية من الحي في مكان يسمى "إين أريدال" .
فوضعنا خطة محكمة للكيفية التي سنقوم فيها بالقبض على مجموعة من عناصر الأمن المالية وسيارتهم دون أن تكون هناك خسائر بيننا.
فاقترحنا أن تذهب مجموعة منا والتي لا تحمل أسلحة إلى مكان تواجد السيارة وتختلط مع أفرادها بشكل عادي،
بينما تصل المجموعة التي تحمل أسلحة لاحقا.
فنقوم بالقبض عليهم والاستيلاء على السيارة دون أن يكون هناك أي اشتباك معهم، وكانوا جلوس يتسامرون تحت ظل شجرة الهجليج أو اللالوب Balanites "تبوراقت" وهي شجرة كبيرة تقع في الجهة الغربية من الحي ولا زالت هذه الشجرة التاريخية موجودة إلى اليوم رغم أنها مهددة بالسقوط في أي لحظة لوجودها على حافة جرف الوادي .
الحاصل بدأنا في تنفيذ العملية بشكل فعلي مع صلاة العصر، لكن كل ما خططنا لم يحدث فالخطة لم تسير كما خططنا لها في البداية، بسبب شخصية القيادي الراحل/ أبوبكر"هيبكه" أغ باي أغ عيسى .
وكنا نصل إليهم تباعا حتى لا يشكوا فينا وصل إليهم اثنان ثم أضيف إلينا الثلاث الباقين، فجلسنا وتبادلنا معهم أطراف الحديث حتى نجعلهم يشعرون بالراحة والطمأنينة تجاهنا.
وآخر من وصل منا من المجموعة التي لا تحمل معها أسلحة القيادي الراحل/ أبوبكر أغ باي أغ عيسى "هيبكه"
وعرف عن شخصية الراحل إنه لا يميل إلى الهدوء في تنفيذ قراراته، وهو على الرغم من قوة شخصيته والتي ليست محل للنقاش ولا يختلف على قوتها وصلابتها اثنان بشهادة كل من عاش معه، إلا أنه من نوعية الشخصيات التي يصعب عليه التحكم في أعصابه أو توقع كيف ستكون ردة فعله، وخاصة عندما يكون في حالة غضب.
وعندما وصل إلينا ونحن جلوس مع طاقم السيارة والمجموعة التي معهم، سلم على البعض ولم يسلم على البعض الأخر منهم وكان يظهر عليه علامات التوتر،ولم يكمل سلامه حتى بادر بإخراج خنجر من خصره وطعن به أحد عناصر الأمن وصرخ في وجوههم واقفا وطلب منهم الوقوف والاستلام لاعناً إياهم!
مع هذه الصرخة القوية التي أدخلت الخوف إلى قلوب عناصر الأمن والمجموعة التي كانت معهم من أعوانهم،
دخلنا معهم في اشتباك مباشر بالأيدي، بدأنا نضربهم بالهراوات التي كنا نحملها، وتسلل أحد عناصر الأمن والشخص المدعو "أستن" ودخل عنصر الأمن بيت طيني كان بجوارنا، بينما تجاوزه الشخص المدعو "أستن"وكل هذا حدث بشكل خاطف وسريع وغير منظم.
وحدث هذا ولم ينضم إلينا بعد المناضل/ إنويلن أغ ماني أغ أبندواغ الذي كان يحمل معه سلاح أوتوماتيك،
وعندما وصل المناضل/ إنويلن أغ ماني ولم يجد كيف يستخدم سلاحه، دخل معنا في الاشتباك بالأيدي.
في أثناء عملية أسر طاقم السيارة أطلق المناضل/ أكولي أغ إدول أغ إبراهيم أعيرة نارية في الهواء، عندما حاول بعض عناصر الأمن الهروب وقد أطلق هذه الطلقات وهو لا يزال في طريقه إلينا، وسمعت المجموعة التي كنا مجتمعين معها والتي من بينها القيادي الراحل/ تاغليفت أغ عيسى والقيادي الراحل/ موسى أغ بهوني لصوت طلقات الرصاص فأسرعوا إلينا.
فلم تكون المسافة طويلة بيننا وبينهم، فقد لا تتجاوز المسافة من نصف إلى واحد كلم، وكان القيادي الراحل/ تاغليفت أغ عيسى غابى من أوائل الواصلون إلينا وهو من أستلم السيارة من المرحوم /أبوبكر أغ باي أغ عيسى
وكنت أشاهد مجموعة من الثوار في طريقهم إلى البئر الذي كان يختبئ فيه المدعو "أستن" وكنت أراقبهم وحتى وصلوا إليه وأخرجوه من البئر،ورجعوا به، وأنا شخصيا بعد أن أنجزت عملية الاستيلاء على السيارة وأسر طاقمها بنجاح، بقيت خلفها ولم أكون من ضمن مجموعة الثوار التي ذهبت فيها في رحلتها الأولى إلى منطقة "إيكديون " حيث كان يتواجد القائد/ أياد أغ أغالي أغب وبكر.
فأنا بعد الاستيلاء على السيارة وأسر طاقمها ذهب والتقيت بوالدي وعمي والذين كانو يسوقون إليّ الجمال الثلاث التي تبرعنا بها في وقت لاحق لنقل الثوار إلى منكا.
ولهذا السبب لم أكــــن من ضمن المجموعة الأولى من الثوار التي أقلتها السيارة إلى منطقة "إيكديون"
فقد ذهبت مع والدي وطلبت من الأهالي أن يرحلوا ويستقروا في أماكن بعيدة عن المكان الذي وقعت فيه عملية السيارة فمن المحتمل أن تكون كل تلك المنطقة محل للاشتباك وهو الأمر الذي حصل، وبعد أن قمت بالترتيبات اللازمة عدت فكنت في المجموعة الثانية من الثوار التي أقلتها السيارة بعد عودتها من منطقة "إيكديون" إلى "تيجريرت"،وباقي القصة معروف فعندما وصلنا إلى منطقة "إيكديون" كانت هذه السيارة هي نفسها التي نفذت عملية "تيدغمين" وهي ذاتها السيارة التي شاركت في كمين "إيكديون" وشاركت فيما بعد في عملية "منكا" التاريخية ثم عملية "تيدغمين" الثانية.
وهذه أسماء المناضلين السبعة الذين قاموا بتنفيذ عملية السيارة ظهيرة يوم الأربعاء الموافق 27-6-1990 وهم كالآتـــــي :
1- القيادي الراحل أبوبكر "هيبكه" أغ باي أغ عيسى "شمناماس
2- أفنات أغ محمد أغ الليوت "شمناماس
3- حمادي أغ بابا أغ باجر الملقب –فكه-"شمناماس
4- الحسيني أغ أغالي أغ ديكنا "شمناماس"
5- إنويلن أغ ماني أغ إبندواغ "شمناماس"
6- وايسلمن أغ لنقد أغ خمراز "شمناماس"
7- أكولي أغ إدول أغ إبراهيم "شمناماس
قدم هذه الشهادة المناضل/ الحسيني إغالي أغ ديكنا
قام بتفريغها-- إدول السعيد
تعليقات
إرسال تعليق